كتاب/ أسئلة عن الإيمان. الحلقة (51). السؤال (8).

قال المفضوح:
قال الإمام النسفي (تفسيره ج3 ص161) "إنه عليه السلام كان في نادي قومه [مجلسهم] يقرأ (سورة النجم 53: 1): "والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم [أي محمد] وما غوى" فلما بلغ قوله: "أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى" جرى على لسانه [أي أضاف] "تلك الغرانيق العلى إن شفاعتهن لترتجى" قيل فنبهه جبريل فأخبرهم أن ذاك كان من الشيطان"

المذيع (9) هل هذا معقول؟ ربما النسفي هذا كان مخطئا، وربما لا يعتد به المسلمون؟

الإجابة: الواقع أن النسفي شيخ موثوق به ...
هنا تدليستان من المفضوح: الأولى: أنه نسب الكلام للنسفى. والثانية: أخفى بقية كلام النسفى.

قال النسفى: « قالوا: إنه عليه السلام كان فى نادى قومه ... فأخبرهم أن ذلك كان من الشيطان. وهذا القول غير مرضى؛ لأنه ... وهو مردود أيضًا لأنه ... ولأنه ... ».

فأخفى المفضوح من أول الكلام لفظة « قالوا » ليجعل النسفى هو القائل لا الحاكى لكلام غيره. ثم أخفى تعقيب النسفى المباشر على ما حكاه، بدءًا من قوله: « وهذا القول غير مرضى »، والوجوه التى نصر بها رأيه.

ألا لعنة الله على الكاذبين !

==================================================

كتاب/ أسئلة عن الإيمان. الحلقة (60). السؤال (8).

قال المفضوح:
ومما ذكره ابن هشام في (السيرة النبوية ج1ص 218) عن زيد ابن عمر هذا "أنه قبل وحي محمد قدمت سفرة في بلدة [بلدح] فأبى زيد ابن عمر أن يأكل منها قائلا: "إني لست آكل مما ذبح للنصب [صنم] ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه" بينما أكل منها رسول الله. ويذكر ابن هشام أن السهيلي قد علق على ذلك متسائلا: "كيف وفق الله زيدا إلى ترك أكل ما ذبح على النصب الذي لم يذكر اسم الله عليه، وكان رسول الله أولى بهذه الفضيلة في الجاهلية"
ما نقله المفضوح ونسبه لابن هشام ليس لابن هشام. وإنما هو من نقل السهيلى عن البخارى. وقول المفضوح: « ويذكر ابن هشام أن السهيلى ... » يبين الجهل الفاحش لهذا المفضوح؛ لأن ابن هشام (ت 213 هـ) هو المتقدم بعشرات السنين، والسهيلى يعقب على سيرته. المهم لن نلتفت إلى أخطاء كما وعدنا القارئ أول الموضوع، وإنما نقتصر على تدليسه وكذبه فقط، وأما جهله وأخطاؤه فلها سلسلة أخرى بإذن الله. لكن لزم التنويه هنا على الخطأ ليتسنى للقارئ المتابعة والفهم.

التدليسة الأولى: فى إضافة المفضوح: « بينما أكل منها رسول الله » من كيسه، وليست فى كلام السهيلى ( ولا ابن هشام بالطبع ! ).

التدليسة الثانية: فى بتره لكلام السهيلى ( الذى زعم أن ابن هشام يذكره ! ) وإخفائه للرد على السؤال الذى قد يرِد على القصة؛ ليوهم المفضوح قارءه المسكين بأن السهيلى يوافقه.

قال السهيلى فى ( الروض الأنف ) : « ... إلى ها هنا انتهى حديث البخاري. وفيه سؤال يقال: كيف وفق الله زيدا إلى ترك أكل ما ذبح على النصب وما لم يذكر اسم الله عليه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بهذه الفضيلة في الجاهلية لما ثبت الله ؟ فالجواب من وجهين: أحدهما: أنه ليس في الحديث حين لقيه ببلدح فقدمت إليه السفرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل منها ، وإنما في الحديث أن زيدا قال حين قدمت السفرة لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه الجواب الثاني : أن زيدا إنما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدم وإنما تقدم شرع إبراهيم بتحريم الميتة لا بتحريم ما ذبح لغير الله وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام وبعض الأصوليين يقولون الأشياء قبل ورود الشرع على الإباحة فإن قلنا بهذا ، وقلنا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل مما ذبح على النصب فإنما فعل أمرا مباحا ، وإن كان لا يأكل منها فلا إشكال وإن قلنا أيضا : إنها ليست على الإباحة ولا على التحريم وهو الصحيح فالذبائح خاصة لها أصل في تحليل الشرع المتقدم كالشاة والبعير ونحو ذلك مما أحله الله تعالى في دين من كان قبلنا ، ولم يقدح في ذلك التحليل المتقدم ما ابتدعوه حتى جاء الإسلام وأنزل الله سبحانه ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [ الأنعام 121 ]. ألا ترى كيف بقيت ذبائح أهل الكتاب عندنا على أصل التحليل بالشرع المتقدم ولم يقدح في التحليل ما أحدثوه من الكفر وعبادة الصلبان فكذلك كان ما ذبحه أهل الأوثان محلا بالشرع المتقدم حتى خصه القرآن بالتحريم ».

==================================================

التدليسة التالية تتعلق بالتى قبلها، وهى من أفجر كذبات المفضوح.

بعدما سبق مباشرة قال المفضوح:
ويذكر ابن هشام أن زيدا بن عمرو هذا لم يعتنق الإسلام، وكتب في السيرة تحت عنوان (عمر بن الخطاب ووقوفه ضد زيد، وخروج زيد إلى الشام وموته) فقال: "كان الخطاب قد آذى زيدا، حتى أخرجه إلى أعلى مكة فنزل حراء ... ووكل به الخطاب شبابا فآذوه خوفا من أن يفسد عليهم دينهم، فخرج إلى الشام ... وفي طريق عودته قتل في لَخْم"
التدليس فى أن ابن هشام يتكلم عن الخطاب لا عن عمر بن الخطاب ! .. والمفضوح يزعم أنه عمر رضى الله عنه. وليس هذا من أخطاء المفضوح أو جهالاته، بل هو من تدليساته بل هو من أفجرها. لأنه أضاف « عمر بن » إلى بداية العنوان، وفاعل هذا لا يكون مخطئـًا غافلاً، بل مضيفـًا عامدًا للكذب الفاجر.

بالطبع يضحك القارئ؛ لأن المفضوح نسى تعديل اسم ( الخطاب ) إلى ( عمر بن الخطاب ) فى النص ذاته ! .. فجاء الاسم مرارًا منبهـًا على تحريف المحرف وفاضحـًا لكذب الكاذب.

وهذا يجيب عن سؤال شهير للنصارى: ما دام آباؤنا حرفوا الكتب فلماذا تركوا بها المتناقضات وما يدل على تحريفهم ؟!

والجواب من المفضوح لا منا: الحق الحق أقول لكم يا أبنائى الكمال لله وحده ! .. وإذا كنا نحرف الآن ونكذب فى عصر الطباعة وشيوع الطبعات وانتشار الكتب، ومع ذلك ننسى ونغفل ويفضحنا الله فنترك ما يدل على كذبنا وتحريفنا، فكم بالحرى كان آباؤنا الأوائل يعبثون كما يحلو لهم فى عصر لا شيوع فيه لطبعات، ولا قراءة فيه للكتاب إلا للكهنة .. أليسوا هم أولى بترك المتناقضات وما يكشف الكذب والتحريف ؟! .. والرب يبارك تعب محبتكم !

كان هذا سردًا قوليـًا للسان حال المفضوح الفعلى.

والذى يؤكد على تدليس المفضوح وأنه لم يكن جاهلاً فقط، أنه حذف سطورًا عديدة، لأن فيها بحث زيد عن دين إبراهيم، وإخبار الراهب له بأنه قد أظل زمان نبى يخرج من بلاده. وهذا بالطبع ينبه القارئ إلى أن الكلام جرى قبل بعثة المصطفى عليه الصلاة والسلام أصلاً. وهو ما يكذب دعوى المفضوح بأن زيدًا رفض الإسلام فطارده عمر رضى الله عنه.

جاء فى سيرة ابن هشام : « [ الخطاب ووقوفه في سبيل زيد بن نفيل وخروج زيد إلى الشام وموته ] - وكان الخطاب قد آذى زيدا، حتى أخرجه إلى أعلى مكة، فنزل حراء مقابل مكة، ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفهائها، فقال لهم لا تتركوه يدخل مكة; فكان لا يدخلها إلا سرا منهم فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم وأن يتابعه أحد منهم على فراقه. فقال وهو يعظم حرمته على من استحل منه ما استحل من قومه :
لاهم إني محرم لا حله
وإن بيتي أوسط المحله
عند الصفا ليس بذي مضله
ثم خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل فجال الشام كله حتى انتهى إلى راهب بميفعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم فقال إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ولكن قد أظل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها، يبعث بدين إبراهيم الحنيفية فالحق بها، فإنه مبعوث الآن هذا زمانه. وقد كان شام اليهودية والنصرانية، فلم يرض شيئا منهما، فخرج سريعا، حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة، حتى إذا توسط بلاد لخم عدوا عليه فقتلوه » .